سلطات البرنوصي «تقتلع» عربات وفراشات الباعة المتجولين من حي طارق
عمروا لسنوات طويلة على جنبات شارع أبى ذر الغفاري بالبرنوصي. استوطنوا بعرباتهم وفراشاتهم كل الأزقة المحيطة بسوق طارق. لم تُـجد حملات السلطات المحلية المتكررة في تحرير المواقع المحتلة. لعبة القط والفأر ظلت على حالها بين الباعة المتجولين ورجال السلطة وأعوانهم وفرق القوات المساعدة. ساعة الصفر في اختراق الحصن المنيع لمئات التجار العشوائيين، انطلقت مع أولى تباشير اليوم الثالث من السنة الجديدة. في حدود الساعة السابعة والنصف من صباح أمس الخميس، بدأت عملية كبرى وحازمة لـ«اقتلاع» العشرات من «الخيام» والمنصات الحديدية والعربات الثابتة من أجل فك الحصار عن الزنقة 39 الرابطة بين الشارع الرئيسي (شوفوني) والسوق البلدي طارق .العملية امتدت أيضا إلى الزنقة 28 المحاذية لمسجد طارق.
حوالي 1200 بائع متجول، اتخذوا من محيط سوق طارق تجمعا تجاريا، يعرضون فيه على مدار ساعات النهار إلى غاية منتصف الليل سلعهم المتنوعة (ملابس، أحذية، أثواب، أواني، مواد غذائية…). هذا الحصار المضروب 24 ساعة على 24 ساعة وطيلة أيام الأسبوع، حول الزقاق 39 والمنافذ المتفرعة عنه إلى كماشة من مئات الباعة المتجولين وأطنان من البضائع يستعصي معها المرور بأي وسيلة نقل مهما كان حجمها. هذه الوضعية المزعجة للسكان المجاورين والمقلقلة للسلطات المحلية، دفعت المسؤولين بعمالة البرنوصي ورجال السلطة بالمقاطعات الإدارية المعنية بالنفوذ الترابي إلى تنفيذ قرار تحرير الملك العمومي من الاحتلال القار لعربات وفراشات الباعة. تدخل السلطات المعززة بالقوات العمومية وأعوانها، استعملت فيه جرافات لإزالة منصات حديدية، حولها الباعة المتجولون إلى محلات تجارية ثابتة. العملية بررها أحد المسؤولين بإخلال الباعة المتجولين باتفاق سابق مع السلطات حول تنظيم زمن عرضهم لبضائعهم، الذي حدد من الساعة الثانية زوالا إلى غاية التاسعة مساء، لكن هؤلاء الباعة أصبحوا يمارسون تجارتهم بشكل قار من الصباح إلى منتصف الليل.
مصدر من السلطة المحلية، أوضح في اتصال هاتفي لجريدة «الأحداث المغربية»، أن تدخل القوات العمومية كان حازما رغم اعتراض العديد من الباعة المتجولين على إخلاء المكان. العملية لم تخلو من اصطدامات واحتجاجات عابرة دون أن يكون هناك أي استعمال للقوة أو العنف ضد الباعة. مضيفا أنه تم بالفعل إزالة الفراشات والعربات بصرامة دون المساس بالسلع. شهود عيان ممن تابعوا بفضول هذه الحملة القوية، راعهم مشهد أحد الباعة الغاضبين، الذي صب كمية من بنزين دراجته النارية على جسده وحاول إضرام النار لولا تدخل بعض أعوان السلطة.
نور الدين الرياضي رئيس فرع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بالبرنوصي، أكد في تصريح للجريدة أن تدخل السلطات المحلية لإخلاء الباعة المتجولين من محيط سوق طارق أسفر عن اعتقال 17 بائعا، منهم أعضاء في النقابة الوطنية للتجار والمهنيين وجمعية التقدم للأسواق النموذجية. الناشط الحقوقي اعتبر عملية صباح أمس الخميس تكرارا للحملات السابقة. تلجأ إليها السلطات المحلية لتحرير الشوارع من الباعة دون أن تجد لهم بديلا لعرض تجارتهم، ومكانا آمنا يسترزق منه مئات الأسر والعاطلين والمسرحين من العمل، متسائلا عن مصير عدد من الأسواق النموذجية بالمنطقة، التي تحولت إلى أطلال دون يستفيد منها هؤلاء الباعة المتجولين.